قطاع الطرق
هو رجل من قبيلة لها باع طويل في قطع الطريق ، فأهلها مضرب الأمثال في السطو غير المشروع ، إنهم حلفاء الليل ، والويل لمن يقع في أيدي أحد منهم.
دخل مكة متنكرا ، يتسمع إلى أخبار أهلها والدين الجديد ، حتى وجد الرسول صلى الله عليه وسلم في صباح أحد الأيام جالسا ، فأقترب منه ، وقال : نعمت صباحا يا أخا العرب.
قال : أنشدني مما تقول.
فأجاب رسول الله : ما هو بشعر فأنشدك ، ولكنه قرآن كريم.
فقال : اقرأ علي.
فقرأ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصغي ، ولم يمض غير وقت قليل حتى هتف : (أشهد أن لا اله الا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله).
وسأله رسول الله : ممن أنت يا أخا العرب؟.
وتألقت ابتسامة واسعة على فم الرسول صلى الله عليه وسلم ، واكتسى وجهه بالدهشة والعجب ... وضحك "أبو ذر" فهو يعرف سر العجب في وجه الرسول الكريم ، فهو من قبيلة (غفار) ، أفيجيء منهم اليوم من يسلم ؟!
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: إن الله يهدي من يشاء.
أسلم "أبو ذر" من فوره ، وكان ترتيبه في المسلمين الخامس أو السادس ، فقد أسلم في الساعات الأولى للإسلام.
فأجابه الرسول : ترجع الى قومك حتى يبلغك أمري.
فقال "أبو ذر" : والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالاسلام في المسجد هنالك دخل المسجد الحړام.
ونادى بأعلى صوته : (أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله).
كانت هذه الصيحة أول صيحة تهز قريشا ، من رجل غريب ليس له في مكة نسبا ولا حمى ، به الكافرون حتى صرعوه ، وأنقذه "العباس" عم النبي بالحيلة ، فقد حذر الكافرين من قبيلته إذا علمت ، فقد تقطع عليهم طريق تجارتهم ، لذا تركه المشركين.
ويعود "أبو ذر" رضي الله عنه الى قبيلته ، فيحدثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الدين الجديد.
فإزداد الرسول صلى الله عليه وسلم عجبا ودهشة ، ونظر اليهم وقال : "غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله".
و"أبو ذر" كان له تحية مباركة من الرسول الكريم ، حيث قال : "ماأقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء ، أصدق لهجة من أبي ذر".
المصدر :
- البداية والنهاية - ابن كثير.