رواية لهيب الهوى بقلم شيماء الجندي
ثم وقفت تُكمل بضحكه قصيره:
-اسألي بنتك المجانين مش مضمونين ازاي !!!
اتسعت اعينها بهلع لتكتم “ريماس” ضحكتها مشيحه بوجهها لتصرخ “صافي”
-انتي بتهددينا يا همجيه انتي !!
استقامت رنيم تبتسم ببرود واتجهت الي باب القصر تقول:
-تؤ تؤ..ليه الصوت الهمجي ده يابيبي … لا لا ده مش اسلوب بنات القصور !!!
ثم استقامت بوقفتها حين وجدت “سيف” واقف بالجانب يتابعها بابتسامه مشجعه … وهبط “ايهم” السلالم متجها اليها متجاهلا “صافي” التي كانت علي وشك الحديث اليه يقول:
نظرت له ثم الي سيف وقالت:
-كلامي كان واضح فوق ياايهم انا هروح مع سيف !!
كشر ملامحه بغضب وكاد ان يرد لكن صوت “سيف” اوقفه حين قال بهدوء:
-خلاص بقي ياايهم.. معايا ومعاك واحد.. انا هاخد بالي منها متقلقش !!
ثم غمز اليه متجها خلفها وهو يودع زوجنه بقبله لطيفه.. في حين تركتهم هي بلا مبالاه واضحه منها للعيان..اتسعت اعين جميع من شهد ذلك الموقف لترفع “صافي” احدي حاجبيها تقول فور مغادرتهم !!
-***-
سارت بطرقات الشركة بجانب “سيف “رمقها الموظفون بنظرات فضولية وأخرى معجبة وأخرى محتقرة لتلك الفتاة الصغيرة التي أغوت رئيسهم العاقل ليحكموا عليها مثله بلا دليل … اتجهت إلى غرفة الإدارة لتدلف إلى غرفة “شهاب” تتفقدها …لأول مرة ترى مكان عمله …
كان يخفيها عن الجميع.. كانت مجرد سر من أسراره ولكنها لم تتذمر يوما اكتفت به ليصبح عالمها … فأين هو الآن … انهار عالمها الصغير فوق رأسها دون شعور منها … سقطت دمعاتها بعد تلك الأفكار التي راودتها.. دارت بالغرفة الواسعة تنظر إلى أشياءه بحزن واضح.. تابعها “سيف” بصمت تام … لاحظ حزنها الكامن ليقترب منها قائلا:
نظرت إليه بفضول ليشير برأسه ناحيته …اتجهت حيث أشار تنظر إليه بفضول لتجد أنه مغلق بكلمة سرية التفتت له بتساؤل..ليرفع كتفيه معبرا عن جهله بها وقال:
-معرفش هو قالي إنك عارفاها كويس أو مميزة عندك !!
عقدت حاجبيها باندهاش..ثم نكست رأسها ترفع كتفيها هي الأخرى تقول:
اندهش “سيف” فهي طوال الطريق صامتة شاردة تنظر من النافذة ولم يقاطعها أقلقه وضعها ليقول:
-رنيم.. متزعليش من اللي عمله أيهم الصبح..هو مندفع شوية خصوصا بعد مoت شهاب.. بس أنا كلمته.. أنا معاكي دايما صدقيني !!
انصتت إلى حديثه بصمت تام ثم ابتسمت بسخرية تقول:
-أنا مصدقاك ياسيف … ياريت انت كمان تصدق اللي هقوله … أنا مبقاش يفرق معايا مين هيساعدني ومين ضدي …. ولا فارق معايا عمايل أيهم !! عارف أنا وافقت علي الوصية دي ليه !!
-عشان ولادي … عمر وجوان أنا معنديش استعداد يلوموني لما يكبروا إني فرطت في حقهم …. مش عايزة غير إني أطمن عليهم ياسيف … انت متعرفش أنا خايفة عليهم قد أيه …. ولادي ملهومش ذنب في كره أخوك ليا.. أنا عارفة إن صورتي مش هتتغير في عيونكم.. عارف كنت عايزة أرجع شقة شهاب ليه !! عشان ولادي ميكبروش وسط أفكاركم عني … مش عايزة أشوف في عيونهم نفس نظراتكم ليا … !!
-مين فهمك إننا بنكرهك.. ده أنا برتاحلك أكتر من ريماس بس إوعي تقوليلها دي بتغير عليا أوي !!
ابتسمت بهدوء ثم قالت بعملية:
-شوف هنبدأ منين لحد ما أخوك يوصل !!
قضت يومها تستمع إلى تعليمات أبناء الرفاعي بالعمل وما يقتضي أن تفعله وما عليها ألا تفعله وكيف تتعامل مع الموظفين.. تعمدت ألا ينفرد بها “أيهم” بأي مكان حيث التصقت بـ “سيف” بحجج مختلفة ليلاحظ هو ذلك لكنه فضل الصمت ومراقبة أفعالها حتى حان وقت راحة الغداء …
غمز “أيهم” لـ “سيف” ليفهم الآخر مبتسما بهدوء وقال فجأة:
-طيب وقت الغداء وأنا رايح آكل !!
وقفت “رنيم” تقول مسرعة:
-استنى هاجي معاك !!
-لا إحنا هنطلب هنا ورانا حاجات كتير مينفعش تخرجي !!
قالها “أيهم” بعد أن عاد بظهره إلى الخلف مستندا إلى الكرسي ببرود نظرت له بغضب ثم إلى “سيف” الذي قال:
-خلاص أنا هطلبلكم من بره !!
نظرت له “رنيم” بترجي تقول:
-طيب ماتقعد تاكل معانا !!
ابتسم لها يقول:
-معلش يارنيم أصل عندي مشوار مهم وهلحقه في فترة الراحة وهاكل حاجة سريعة في العربية !!
ثم انطلق على الفور إلى الخارج مغلقا الباب خلفه … لتجز على أسنانها حين قال ساخرًا:
-تعالي اقعدي ماتتكسفيش أنا زي جوزك برضه..!!
أجابته بحدة:
-وأنا أتكسف ليه أصلاا !!
ثم اتجهت إلى الأريكة البعيدة تجلس فوقها واضعة ساق فوق الأخرى تتفقد هاتفها ناسية أنها ترتدي جيب قصيرة بعض الشيء ارتفع إلى منتصف فخذيها البض مُظهرا جمالها بسخاء.. نهض عن كرسيه متجها إليها لتقع عينيه علي ساقيها ليرفع نظراته إليها مبتلعا رمقه يقول بعد أن جلس فوق الأريكة ذاتها:
-تحبي تاكلي أيه ولا هتثقي في ذوق سيف !!
لم ترفع أنظارها إليه بل تابعت ما تفعل وردت:
-هثق في ذوق سيف !!
استشاط من أسلوبها ليقول:
-وأنتِ تعرفي ذوقه منين عشان تثقي فيه !!
رفعت كتفيها بلا مبالاة وتابعت ما تفعل وقالت:
-معرفوش هجربه !!
ضيق عينيه بغضب لم تعامله أنثى هكذا من قبل.. كيف لها أن تفعل ذلك به …ارتفع غضبه إلى أعلى المراحل ليرفع ذقنها إليه قائلا بغضب:
-أنتِ إزاي تعامليني كده !!
نفضت ذراعه بغضب وقالت:
-متقربش مني تاني …أظن إنك نسيت كلام الصبح !!
نظر لها ببرود وقال:
-كل ده عشان ضربتك بالقلم !!
وقفت متجهة إلى المرحاض وهي تقول:
-لا كل ده عشان انت شخص معدوم الضمير …كنت فاكراك هتفوق وإديتك فرصة واتنين بس عقلك مش مستوعب حاجة غير الانتقام مني !!.
دلفت إلى الحمام مغلقة إياه خلفها، مر اليوم وهي تبتعد عنه وتتجنبه تحاول بشتى الطرق إنهاء مايكلفها به بعملية تامة …
وفي المساء بعد أن فرغت المجموعة من الموظفين ولم يبق سواهم أنهوا الأعمال تاركين ماتبقى إلى الغد وقفت على الفور تلملم حاجياتها وكادت أن ترافق “سيف” لكنه قال بصوت صارم:
-رايحه فين … أنتِ هتيجي معايا وكفايا أوي لحد كده أنا جايب آخري منك !!
لم تجيبه بل نظرت له باحتقار ثم خطت إلى الأمام تقول:
-هستنى مع سيف تحت لحد ماتخلص !!
تركها ثم لملم أشياءه وعقله لازال يحاول فك شفرات تلك الأنثى التي تتلاعب علي أوتار عقله …
وصل إلى القصر بسلام طوال الطريق لم تحادثه كان متحيرا هل يفتح معها حديث أم لا.. لكن ماذا يقول … لم يكن يبنهم أحاديث خاصة … كما بينها وبين أخيه “سيف” … هبطت من السيارة فور وقوفها تتجه إلى الداخل بخطوات سريعة ثم إلى جناحهم ومنها إلى غرفة الأطفال تطمئن عليهم لتنظر إليهم أثناء نومهم بابتسامة جميلة ثم مالت عليهم تقبل كلا منهم بنعومة متجهة إلى الخارج مغلقة الباب بهدوء.. ثم إلى الحمام تنعش جسدها بحمام دافئ بعد ذلك اليوم الشاق..
وقفت وهي تستعيد بعض ذكرياتها … كيف تركها والديها منذ أعوام.. لتبقي وحيدة بذلك العالم.. كيف افترسها عمها وابنه ونهب كلا منهما حقها ولم يكتفيا بذلك … بل كانا يريدان التخلص منها تماما … لم تختار يوما … حتي “شهاب” لم تختاره … هو من اختارها … اعتبرها الجميع قطعة شطرنج يحركونها كيفما يشاؤون.. غير عابئين بما تريد هي !!!
جففت جسدها وخصلاتها ثم ارتدت البورنص الخاص بها لتخرج متجهة إلى غرفة الملابس.. انتقت قميص طويل وردي اللون يصل إلى كعبيها مفتوح من الجنبين من ركبتها إلى أقدامها بحمالات رفيعة..
ارتدت مسرعة ثم اتجهت إلى أريكتها بعد أن أعدتها لتُغمض عينيها بصمت تام … هي لمحت أنه بالغرفة يلقيها بنظرات فضولية علها تلتفت أو تتحدث لكنها لم تعيره اهتمام.. كما لم يعيرها أحد أدنى اهتمام.. هي وحيدة وستظل وحيدة فلتتمتع بالهدوء بوحدتها يكفيها صراعات إلى الآن …..
لم تكن تلك الوحدة خياري يوماَ ما لم يهبني الراحلون حق الاختيار، إن تركتم الأمر لي لتخيرت رفقه هادئه تُعيد سلامي النفسي المسلوب رغما عني، لكني لم اختار…
-***-
اسند ظهره العاري إلي الوسائد خلفه يحتضنها بلطف وهو يجذب الغطاء فوق جسديهما معا لتهمس له بحزن:
-رنيم صعبت عليا أوي النهارده مكنش ينفع يعمل كده فيها أبدا..
تنهد بارهاق وهو يربت علي جسدها بلطف قائلًا بنبره هادئه:
-هي ربته طول اليوم في الشركة اصلا، محدش عجبه اللي حصل غير الحربايه دي …
ثم شرد بحديث أخيه معه صباحًا وهو يبتسم بهدوء …
Flash back …..
وقف “أيهم” ينظر إلي شقيقه الغاضب الذي يطالعه بأعين تقدح بالعنف مُدافعا عن تلك البريئه التي ظلمها بعنفوانه يصيح به:
– أنا مش قادر افهم ازااااي كنت بتحبهااا محدش بيعمل كده في اللي بيحبه يااأخي … هي ذنبها إييييه أن شهاب حبهااا بتحاسبهااا علي اييييه ؟!!!!
صرخ أخيرًا ذاك الوحش بانفعال شديد وهو يركل الطاولة بقدمه بعنف ممسكًا بتلابيب قميصه بغضب:
– عاااايز تووصل لايه يااااسيف ؟!! ذنبهااا إنه لمسهااااا أنت عااارف بتحرق قد إيه من سااعه ماعرفت أنه بيحبهاااا وخدهااا ليه ؟!! عااارف النااار اللي جوايااااا شكلهااا إييييييه ؟!!!! أنا لسه بتنيل بحبهاااااا ده اللي اكتشفته من ساعه ما شوفتها تااااني مبسوط كدااااا ؟!!!!!!
لاحت تلك البسمه الخبيثه علي شفتيه لكن ما اندلعت النظرات الساخره من مقلتيه وهو يقول ببرود:
– واللي بيحب حد بيهينه مش كده ؟!! منين تقول انها تخصك وتاني يوم تضربها بالقلم قصادنااا كلنا ؟!!!
تركه وتحرك بالغرفه بجنون وهو يشعر أن أخيه تولي منصب ضميره يجلده وبشده أدمعت عينها وجلس بانهاك أعلي الأريكة وهو يقول بحزن بالغ:
-مش عارف اكرهها ياسيف ليه مش عايز تسيبني في حالي ؟! بقولك شوفت صورها معاه بعينياااا..
زفر الآخر بغضب وهو يطالع نظرات أخيه الحزينه المرهقه بحزن ثم تقدم منه يربت علي كتفه يقول بعقلانية وهدوء:
– يابني افهم ناصف ده قذر وانا وانت عارفين ده وواضح جدا أنه عاوز يوقع بينكم هي هتتفق معاه ليه وهي كان قصادها ورث ابوها كله اللي نهبوه معقول ده الطفل مايصدقش ده ….
دس يده بخصلاته بعنف واردف بغضب:
-وهي مردتش عليها ليه وبرأت نفسها ؟!!!
اشاح “سيف” بيده بغضب واردف بانفعال:
-يابني متعصبنيش مش أنت رديت وقولتها تخليها في حالها وقفلت الكلام يخربيت صاافي وقرفهاااا …
تطلع إليه بصمت لحظات واردف بغضب:
– اهو اللي حصل بقااا،احسن خليها تكرهني وتبعد عني..
زفر “سيف” وقال ببرود وصوت ورخيم:
– خلاص كرهها فيك وخليها تقول نار ناصف ولا جنه أيهم علي الاقل ده بيجري وراها حتي لو طمع مش زيك أبدا …
ثم تركه لأفكاره السوداويه عله يعود إلي رشده وهو علي يقين أن أخيه بحاجه ماسه لبعض الوقت فقط وسوف يتغلب قلبه علي جميع أفكاره.. إنه عشق توغل بخلاياه حرمه علي حاله حين
انقلبت الموازين وأحبها أخيه تنازل مُرهق مؤلم يدفع ثمنه بمفرده الآن ….
Back
أفاق من شروده علي تلك القبله اللطيفه من زوجته التي أصبحت أشد جراءه بتلك الفترة بادلها قبلتها وهو يحتضن جسدها بلطف ويديه العابثه تعزف برقه علي جسدها مما دفع الدماء لوجهها وجعلها تدس جسدها داخل أحضانه الدافئه المُلهبه ورفع يديها تحيط عنقه جيدا وهي تعبث بخصلاته بلطف بالغ تهمس له:
-روحت فيين؟! مين واخد عقلك مني ؟!!
ابتسم وهو يعيد ترتيب خصلاتها التي أشعثها بأنامله منذ لحظات وهو يهمش بصوت أجش عابث:
– اللي وخداه واحده بقيت قمر أوي في فتره الحمل.. انا حبيت الحمل خلاااص ….
عضت علي شفتيها بخجل ولم تستطع كبح تلك الابتسامه اللطيفه من علي شفتيها بل ورفعت حاجبها الأيسر مثله تجاريه بجراءه هامسه له …
– وهو قبل الحمل مكنتش كده ؟!! أنا في حمل او منغيره قمر..
ارتفعت ضحكاته وهو يحيطها جيدا داخل أحضانه مقبلًا شف-تيها بقوه وحماس لحظات مرت وهي تستلم لذاك الشعور اللطيف باحضانه إلي أن قطع قبلته لاهثا يهمس له قبل أن يسحبها لدوامه من مشاعره المفرطه تجاه تلك الجميله:
– حصلللل وانا شاهد … بمoت فيكِ ياريماس …
رفعت أناملها تحيط عنقه وهي تعبث باصابعها النحيله بخصلاته هامسه له وهي تحدق بمقلتيه بعشق:
– وانا بعشقك ياقلب ريماس ….
-***-
استمرت الأيام هكذا تتجنب الجميع تضع كل من يحادثها بكلمة مُهينة عند حده استخدمت أسلوب السخرية اللاذعة معهم وهو أولهم … اكتفت بأبنائها وعملها طوال اليوم تتجنبه تجيبه بأحاديث مقتضبة تخشي جميع من حولها.. ابتعدت حتى عن “ريماس”..تتناول طعامها بعيدا عنهم بفترة الراحة … تجلس صامتة إذا انتقل حديثهم من العمل لأحاديث جانبية.. اندهش “سيف” محاولا عدة مرات معها لكنه كانت تجيبه بابتسامة هادئة صامتة ….
إلى أن جاء ذلك اليوم حيث وقفت أمام خزانتها التي خصصها لها “شهاب” وهي تبتسم مُستغلة غياب “سيف” و”أيهم”عن المكان.. حيث تذكرت كلمة السر …عيد مولد أمها التاريخ الأحب إلى قلبها كم تفتقدها ….
فتحت الخزانة وياليتها لم تفتح …. بدأت تقلب الصور بابتسامة هادئة لقد جمع لها العديد من الصور هنا بمراحل عمرية مختلفة …. عقدت حاجبيها حين وجدت ذلك العُقد الذي انتزعه
عمها من رقبتها … فهو يخص أمها … كيف وصل إلى هنا !!! نظرت إلى الورقة بجانبه ثم التقطتها باندهاش لتجد خط يد “شهاب” … كاتبا أنه استرده بأمواله من أجلها وكان سوف يهاديها به بعيد مولدها.. ابتسمت بحزن … ظلت تنتقل بين الارفف طالما حكي لها “شهاب” كم يعشقها منذ زمن لكنها لم تتوقع ذلك.. أغلقت الخزانة بحزن ودموعها تهبط بصمت ….. تبكي بقهر لما وصلت إليه … تعاني وحدها … تدافع عن نفسها أمام الجميع وهي ضحيتهم جميعا ……
الفصل التاسع “هُدنه ”
جلس بمكتب “سيف” يتناقش معه بإحدى الصفقات لكن عقله أصبح معها تماما.. لاحظ تغيرها الواضح مع الجميع ابتعادها عنه عن عمد … أسلوبها بملابسها لم يتغير … وكأنها لا تخشاه … أصرت على خروج عربية “شهاب” ليأتي لها بالجديدة فلم تلمسها.. تذهب وتعود سواء معه أو مع “سيف” … هي لاتبالي … لقد مل ذلك الوضع معها..أفاق على طرقة أصابع أخيه أمام عينيه وهو يقول:
-أيه ياعم أيهم روحت مني فين !!
نظر له لحظات ثم إلى ساعته يقول:
-هي رنيم مجاتش ليه لحد دلوقت !!
عقد “سيف” حاجبيه يقول:
-فعلا كان المفروض ترجعلنا من بدري.. هقوم أشوفها !!
وقف “أيهم” على الفور يقول:
-لا خليك انت أنا كده كده همر على الأقسام !!.
ثم أسرع بخطواته من أمامه ليبتسم “سيف” مكملا مايفعل وهو يتنهد متمتمًا بضحكه قصيره:
-قال هيمر علي الأقسام قال !! ياريت اللي في بالي يحصل ….!!
طرق الباب ثم دلف بعد أن استمع إلى صوتها..فتح الباب ثم دلف إليها ليجدها تمضي بعض الأوراق تقف أمامها تلك الفتاة التي تدير أعمالها بصمت تام..لم تكلف نفسها بالنظر إليه بل أغلقت الملف تعطيه للفتاة قائلة:
-روحي إنتي وماتنسيش تجيبلي النسخة أتأكد منها بنفسي قبل ماسيف ياخدها !!
أومأت الفتاة ثم استلمت الملف متجهة إلى عملها.. وقف يحدق بها بصمت.. بدت له كسيدة أعمال محنكة لم يتوقع أنها سوف تكون بهذه المهارة… وقف منتظرا منها أن تلتفت أو تتحدث لكنها لم تفعل.. ظلت تحدق بالأوراق أمامها تأملها برماديتيه بذلك الرداء الرقيق حيث ارتدت فستان رمادي اللون يصل إلى ركبتيها يرسم تفاصيل جسدها الفاتن المُغري ببراعة بحمالات عريضة يُظهر رقبتها المرمرية إلى عضمتي الترقوة برقة بالغة.. لملمت خصلاتها على شكل كعكةرقيقة لتتحرر بعض خصلاتها ساقطة على جانب وجهها.. أفاق على كلماتها العملية تقول:
-أنا دقايق وهكون في أوضة سيف.. لو جاي عشان كده !!
حدق بها ببلاهة.. هل أتى إليها لذلك فقط.. هاهي أعطته إجابته وتنتظر خروجه … ليقول بهدوء:
-تحبي أساعدك في الورق ده !!
رفعت أنظارها عن الأوراق ثم قالت ببرود:
-آه عايز تراجع ورايا.. معنديش مشاكل تعالى شوفه أنا كده كده لسه في فترة تدريبي !!!
سار نحوها بخطوات صارمة ثم استند إلى المكتب بإحدى يديه يطل عليها بهيئته المهيبة قائلا:
-أنا قولت مساعدة مش مراجعة !! أنا لو مش واثق في شغلك مكنتش سيبتك على الكرسي ده !!
هبت واقفة غير مبالية بالمسافة التي أصبحت إنشات بينهم تقول بغضب:
-انت متقدرش تقومني من هنا ده مش بمزاجك..انت بتدربني مش أكتر !!
زمجر بها قائلا بعد أن تعالت أنفاسه من فرط كتمان غضبه منها وقال هادرًا بعنف:
-افتكري إني لو قولت إنك متنفعيش يبقى هتقعدي معايا أكتر !!
ابتسمت بسخرية تقول:
-لا انت مش هتقول كده.. انت مستني اليوم اللي تخلص فيه مني بفارغ الصبر…!!
نظر إليها بصمت تام.. لكنها غير محقة.. لم تعد لديه رغبة التخلص منها …. بل أصبح الأمر على النقيض تماما معها… فصمتها الدائم يشعره بالندم على أفعاله البربرية معها لم ير ابتسامتها منذ ذلك اليوم.. سوى الوقت الذي تجلسه مع طفليها.. ليسترق النظرات إليها كالسارق تماما … لانت نظراته تجاهها لا شعوريا منه هبط برماديتيه يمسح تفاصيل جسدها بتأني تام لاحظت هي نظراته لتعود إلى الخلف جالسه فوق كرسيها تقول بتوتر طفيف:
-كلها شهر ونص وهترتاح تماما مني !!
تنهد ثم قال بعد أن جلس نصف جلسة أعلى مكتبها ولم يحيد بنظراته عنها يقول بهدوء:
-رنيم أيه رأيك في هُدنة بينا !!
عقدت حاجبيها تنظر بعدم فهم ليميل عليها مُمسكا كرسيها جاذبا إياه إليه لتصبح علي مقربة منه أنفاسه الحاره تلفح بشرتها الحلبيبة يقول بهدوء:
-يعني بعد نص ساعة بالظبط اليوم هينتهي.. نتعشي سوا النهارده !!
رفعت إحدى حاجبيها تقول ببرود:
-وده أمر !!
اقترب أكثر منها هامسا لها:
-لا ده عرض بس غير قابل للرفض !!
أشاحت بوجهها عنه تعيد رأسها للخلف تقول:
-ده مفهومك عن الهُدنة !!! علي العموم أنا هرفض فعلا.. أنا مابصدق أروح لولادي آخر اليوم يعني مش فاضية للكلام الفارغ ده !!
رفع إصبعه مُمسكا ذقنها يقول:
-يبقي جهزي الولاد معاكي !!
ثم استقام بوقفته يقول:
-لو خلصتي ورقك يلا عشان سيف مستنينا من بدري !!
أغلقت الملف أمامها ثم لملمت أشيائها تتجه معه إلى الخارج …انتهى اجتماعهم الصغير بوقت قياسي..لاحظ “سيف” به نظرات “أيهم” الدائمة لها.. ورغم رزانته بالأمور إلا أنه لم يكف عن مديح صنيعها بالأيام السالفة ….. شعرت “رنيم” بالراحة بعض الشيء لكنها فضلت الصمت فلم يبدُ على ملامحها أي تأثر بأقواله أو أفعاله..استقلت السيارة بجانبه بهدوء تام كعادتها معه.. ليقول كاسرا حاجز الصمت:
-تحبي تختاري المكان !!
نظرت إليه لحظات ثم قالت بسخرية:
-تعرف إن دي أول مرة تسألني أحب أيه !! عادي اختاره انت …!!
لم يُعلق علي حديثها لكنه قال:
-هتجيبي الولاد آخر كلام.. مش هتسيبهم لسالي المربية !!
نظرت تجاه النافذة تقول..
-الجو بدأ يبرد.. شكلي هسيبهم.. عمر بيتعب بسرعة !!
أوقف السيارة داخل القصر لتترجل منها وهو خلفها.. صعدت إلى الأعلى وما هي إلا ساعة وكانت أنهت زينتها الهادئة حيث ارتدت فستان كُحلي اللون بأكمام تصل إلى ما بعد كوعيها بعدة سنتيمترات طويل يغطي جسدها كاشفا عن انحناءات جسدها الفاتنة ثم ارتدت حذاء ذهبي اللون ذي كعب عالي واضعة القليل من مساحيق التجميل لتغطي إرهاقها وشحوب وجهها..
كان قد ترك لها غرفة الملابس وقف أمام المرآه يتأمل ذلك القميص الأسود الضيق حيث أبرز عضلات جسده فاتحا أول أزراره ثم صفف خصلاته الحريرية لينهي تجهيزاته بعطره المُميز الذي وصل إلى أنفها فور أن فتحت الباب الذي يفصل بينهما …
استدار لها وهو يرتدي سترته الرمادية ليتوقف عن الحركة مُفصلا إياها بنظراته الجرئية.. أقلقها حضوره الطاغي هكذا وقلقت أكثر حين اقترب منها مُزيحا خصلاتها خلف أذنها مقتربا بشفتيه يهمس بأذنها قائلا:
-إنتي إزاي حلوة كده !!
اضطربت أنفاسها من فعلته لتعض على شفتيها بتوتر واضح شعرت بأنفاسه تهبط إلى رقبتها.. اقشعر بدنها مما يفعله لترتد إلى الخلف مسرعة تقول:
-مش يلا !! اتأخرنا !!!
ابتسم لها رافعا ذراعه لها لتتأبطه باندهاش واضح من معاملته الغريبة لها … ماذا يريد منها … ظل عقلها يعمل ويدور… إلى أن وصلا إلى ذلك المطعم الراقي.. اتجهت معه إلى الداخل فاجأها باحتضان ذراعه لخصرها عابثا بهاتفه وكأنه لم يفعل شيء وصلا إلى طاولتهم والتي كانت بعيدة عن الأنظار تمامًا وكأنه يتعمد الاختلاء بها حتي إن كان مكان عام …
جذب الكرسي لها لتجلس وجلس هو بعدها لاحظت الترحيب الزائد به.. جلست صامتة تنظر إلى العازفين والثنائيات الراقصة بصمت من الواضح أن هذا المكان لعلية القوم.. شهقت حين وجدته يُمسك إصبعها الذي يحتوي على دبلته قائلا:
-تصدقي أول مرة آخد بالي من الدبل..مكنتش بركز معاها أبدا !!!
نظرت له بسخرية تقول:
-وأيه خلاك تركز !! إوعى تقول إني عرفت أوقعك زي ماوقعت شهاب !!
ابتسم لها ببرود يقول:
-أيهم الرفاعي محدش بيعرف يوقعه !!
أجابته بنفس البرود:
-وانت مين أصلا طلب يوقعك …!!!
عاد إلى الخلف ضاحكا يقول:
– أوووه كتييير !! بس أنا شخص مزاجي أوي !!!
أشاحت بنظراتها عنه تقول..
-آه أنا عارفة ده!!
-أنا مش بكرهك !! مش هكدب عليكي أنا كنت قلقان منك ومن وجودك.. بس بعد الفترة اللي فاتت غيرت رأيي جداا !!
قال كلماته متنهدا لتعود بأنظارها نحوهه تقول: