رواية عهود محطمة (كاملة جميع الفصول)بقلم ديانا ماريا
قال المحامي ببساطة: هيتحولوا للمحكمة طبعا.
ترددت قليلا ثم قالت: هو ممكن ميتسجنوش لمدة طويلة يعني ؟
قطب حاجبيه بإستفهام: إزاي يعني؟
ازدردت ريقها وقالت بقلة حيلة: قصدي أني مش عايزة اسجن نادر كتير علشان ميتقالش أني سجنت أبو ولادي.
أومأ المحامي بفهم ثم قال بنبرة جدية يخالطها الصرامة: أنا متفهم رغبة حضرتك تماما واللي بتقوليه، بس للأسف جوزك مش لازم معاه المسامحة دي حتى لو علشان ولادك جوزك إنسان خطر عليكِ وعلى ولادك كمان، أوعي تنسي أنه كان ممكن يتسبب بإجهاضك لولا ستر ربنا كمان السر.قة والتحريض عليها يعاقب عليها القانون، جوزك ميستحقش العطف دي منك يا مدام سلمى
صمتت واكتفت بالإيماء موافقة على كلامه وقد تذكرت كل ما شعرت به البارحة من خطر من ناحيته وخصوصا أنه أذاها كثيرا.
تحدد موعد المحاكمة ويومها ذهبت مع رنا وخالها الذي حين علم كل شئ عاتبها بشدة لأنها أخفت عنه واخبرها أنه كان سيقف جانبها حتما ضد بطش زوجها، كما لام شقيقته على فعلتها في ابنتها الوحيدة وخذلانها ممكن جعل زوجها يتمادى في ظلمها.
حين رأته في قفص الاتهام لم تشعر بأي شئ تجاهه، أرادت حقها فقط مما فعلوه بها.
انتهت المحاكمة بالحكم على شيماء بالسجن ثلاثة أشهر أما نادر فحُكِم عليه بالسجن عامين ثم ربحت سلمى دعوة الطلاق والنفقة
حين سمعت شيماء الحكم صرخت بقوة: أنا مليش دعوة والله هو اللي قالي أنا مليش دعوة مش عايزة اتسجن
نظرت لسلمى تتوسل لها: أبوس إيدك يا سلمى خليهم يخرجوني، أنا مليش دعوة هو اللي قالي.
أخرجها العسكري من الزنزانة يتبعها نادر الذي نظر لسلمى بحقد ولكن عندما حان دوره ليعود للسجن قال لها بخوف: يا سلمى أنا أبو ولادك متعمليش فيا كدة.
نظرت بعيدا وفي تلك اللحظة لم تشعر بأكثر من الراحة فعلا!
رؤية شيماء التي تجبرت عليها الآن تتوسل لها ونادر أيضا كان مفعوله عجيبا وأظهر لها كم هم أشخاص جبناء وضعفاء.
كانت خارجة من المحكمة حين رأت والدتها تقف بعيدا، لأول مرة تشعر بقلبها يقسو تجاه والدتها ولم يكن هذا من فراغ بالطبع ولكن حين فضلت التضحية بها مقدما كلام الناس على مصلحتها.
عادت لمنزلها وقد تجاهلتها تماما ثم بدأت تخطط لمستقبلها مع طفليها، وأول ما فكرت فيه هو بيع هذا المنزل والانتقال لمنزل جديد تبدأ فيه بداية جديدة وتصنع فيه ذكريات جديدة.
بعد مرور أربعة أشهر، تم إخبار نادر بزيارة له، أستغرب من ممكن أن يزوره
حتى والديه لم يقوموا بزيارته بسبب أفعاله الأخيرة، حين دلف لغرفة الزيارة قال بذهول: شيماء! أنتِ خرجتِ أمتى؟
نظرت له شيماء بحقد، كان مظهرها قد تغير كثيرا عن آخر مرة خصوصا بعد أن دخلت السجن
قالت بنبرة الكره واضح بها: وده يهمك في ايه؟ مش كفاية دخلت السجن بسببك!
جلس وهو يقول بملل: وجاية ليه على كدة؟
نظرت له بإشمئزاز وردت: جاية علشان تطلقني.
اعتدل ونظر له بدهشة بينما بادلته التحديق وهى ترفع حاجبها: إيه مستغرب ليه؟ ولا تكون فاكر أني هفضل على ذمة واحد زيك رد سجون خصوصا بعد اللي حصل!
اتسعت عيونه بعدم تصديق ونطق: رد سجون؟ وحضرتك بقا مش رد سجون زيي ولا أنتِ رد دكتوراه؟
زفرت بحنق: ميهمنيش أنا مش عايزة الوث سمعتي أكتر من كدة بالارتباط بيك وبإسمك.
اشتغل غضبا واحمر وجهه ونظر لها بعيونه التي تنطق بالعن.ف وقال من بين أسنانه: ليه مش أنا كنت عاجبك وعاجبك تفكيري ولا بعد ما وقعت بقيت هلوث إسمك دلوقتي؟
خافت منه ومن الغضب الذي ظهر عليه، فنهضت وهى تقول بسرعة: مش مهم دلوقتي، متنساش تطلقني وإلا هرفع عليك قضية زي سلمى ما عملت.
ذكر سلمى زاد غضبه أكثر ثم نهض بسرعة وقبل أن تتخطاه لتصل للباب أمسك بها من شعرها فصرخت بقوة: الحقوني!قال لها بتهديد بنبرة هيستيرية: أوعي تفتكري أنه هعدي لك ده بالساهل لا اصبري عليا ب
دلف العساكر بسرعة إثر استمرار صراخ شيماء وكان نادر على وشك أن يضربها، أمسكوه وأبعدوه عنها بسرعة وثم دفعوه ووجهه للحائط حتى يكبلوه بالاصفاد.
صرخ بتوعد بينما شيماء تغادر وهى تركض برعب: مش هسيبك يا شيماء وهتندمي، أنا هندمك وهندم سلمى على اللي عملته مش هتفلت مش تحت إيدي، هنتقم منك ومنها!
حملت طفلها بين يديها أخيرا بعد ولادة صعبة بسبب ما تعرضت له أثناء الحمل.
نظرت له بحب وحنان وهى تحتضنه بين يديها ثم قبلت جبينه ويده الصغيرة وهى تزداد في ضمه، نظر لها مروان بغيرة من شقيقه الذي استحوذ على إهتمام والدته.
قال بنبرة ظهر فيها الاستياء: هتفضلي شايلاه كتير يا ماما كدة وسايباني؟
نظرت له سلمى ثم رفعت رأسها لرنا التي ضحكت وأشارت لها برأسها أن تراضيه لأنه بدأ الغيرة من أخيه الصغير، أبتسمت له سلمى ومدت يدها له فأمسكها وضمته إليها بيد وهى تحتضن الرضيع بالأخرى.
قالت له بحب: يا حبيبي ده أخوك الصغير، هو لسة مولود وصغير وضعيف محتاج ليا أنا وأنت علشان نهتم بيه.
نظر لها مروان بدهشة: بجد محتاجني في إيه ؟
قالت سلمى بنبرة جعلتها جدية حتى تجعله يدرك أهميته بالنسبة لأخيه: أيوا طبعا مش أنت أخوه الكبير، اللي هتحميه من كل حاجة وتلعب معاه وتعلمه كل حاجة أنت عارفاه علشان هو صغير وأنت الكبير، أنت هتبقى مثله الأعلى وصاحبه لأنك قوي وهتحبه
نظر لها مروان ثم قال بزهو: طبعا يا ماما وهو دلوقتي لأنه صغير مش قادر يعمل حاجة أنتِ شايلاه؟
ضحكت سلمى: اه يا حبيبي زي ما أنت كنت صغير بردو وكنت شايلاك كدة إنما أنت دلوقتي قوي مش محتاج أني اشيلك زيه صح.
أومأ بجدية لها ووجه البرئ يظهر له صرامة لا تناسب عمره: اه طبعا خلاص افضلي شايلاه وأنا مش هضايق أنا فهمت خلاص
قبلت جبينه وضمته لها بحب أما رنا سألتها وهى تنظر للطفل الجديد بحماس: هتسميه إيه يا سلمى
حدقت سلمى بوجه الرضيع بحب ثم قالت: أمير، هسميه أمير، إيه رأيك يا مروان؟
أومأ مروان بحماس: إسم حلو أوي يا ماما.
طرق على الباب قاطعهم فذهبت رنا لتتفقد الطارق، عادت تنظر لسلمى بتوتر.
لاحظت سلمى فقالت بحيرة: مين يا رنا ؟
قالت بتردد: عمتي عايزة تشوفك وتشوف أمير يا سلمى.
عبس وجه سلمى بشدة وزفرت بضيق، أقتربت منها ووضعت يدها على كتفها: معلش يا سلمى علشان خاطر البيبي وبس.
قالت سلمى بهدوء: خليها تدخل تشوف البيبي بس بالله عليكِ مش عايزة كلمة ليا سواء حلوة ولا وحشة
أومأت دعاء وذهبت لإخبار عمتها، دلفت والدة سلمى وتقدمت من السرير.
قالت بصوت منخفض يخالطه الحرج: حمدا لله على السلامة يا بنت
سلمى بصوت بارد: الله يسلمك.
نظرت إلى الرضيع بتأثر وقالت: ماشاء الله ربنا يبارك لك فيه.
ردت سلمى وهى تنظر إلى الرضيع: يارب شكرا.
قالت والدتها بحزن: مش ناوية تسامحيني يا بنتي؟سلمى بصوت مقتضب: المسامح ربنا وأنا للأسف مش قادرة اتخطى اللي حصل وعلشان نكون صريحين مع بعض تيجي لي أي وقت تشوفي مروان وأمير وهسأل على حضرتك لانك والدتي لكن العلاقة بيننا مش ممكن ترجع أبدا زي الأول.
كانت والدتها على وشك البكاء ولكن قالت بقلة حيلة: حاضر يا بنتي اللي يريحك.